لماذا أرسم؟
أرسم لأرى العالم بصورة أوضح، لأعيش في بعد آخر لا يعرفه أحد.
أرسم لأني هذا كل ما أتقن فعله، وهو الوسيلة الوحيدة لبقائي.
عندما أرسم لوحة -وأن كانت صغيرة- تتطلب مجهود لايمكن لأحد تصوره
الأمر أشبهه بأن روحك تصعد وتعود إلى جسدك مرار وتكرارا
أشبهه بأن تكون ولادة..
مع كل لوحة، نفس الشعور. في البدء عندما تأتي ربة الإلهام -عند نومي أحيانا وتوقظني-  لابد أن أدخل في مرحلة اكتئاب شديد تماما مثل الأشهر الأولى في الحمل
وعندما أنتصف فيها؛ شعور الفرحة لايفارقني ويكاد الصبر ينفذ مني، أنتظر اللحظة التي أنتهي منها، مثل الأشهر الوسطى
وعندما أشارف على النهاية، تعود حالة الاكتئاب من جديد بل أشد، وكأن جزءا مني سينفصل عني، وصراع شديد مع نفسي إلى أن أنتهي، عندما أنتهي ظهري يؤلمني كثيرا، وأكتافي أيضا وكأن ثقل العالم كله عليها.. وأقول : هذه لوحتي الأخيرة..
تماما مثل الولادة.
إن أكثر ما أحب ممارسته في الرسم هو إختفائي وإنعزالي لعدة أيام متجاهلة العالم في الخارج
قليلة الأشياء التي أتحاور معها في هذا العالم، ولكن مع الرسم الأمر مختلف تماما، وكأنني أحادث روح أخرى تشبهني وأشبهها، وكأن لوحاتي في النهاية تصور تماما ما أشعر به تجاه العالم. إني أحمل القصة في داخلي كل يوم وأنتظر ربة الألهام تلك لترشدني، لتصويرها في لوحة.
ولأنني في وقت ما سأغادر في خفيه دون أن يلحظني أحد ولن يشعر بي أحد أو يسمعني..
ستبقى لوحاتي في الأرض تنتظر من يقرأها.

أريج عبدالله